Kurdistan Regional Government


 

نيجرفان بارزاني: سنستمر في العمل على تطوير القطاع الصحي

ألقى السيد نيجرفان بارزاني، رئيس وزراء إقليم كوردستان، كلمة في مؤتمر ومعرض (فارميدينت) الذي عقد اليوم، الأربعاء 1 يار 2019، هذا نصها:

أيها الحضور الكريم
صباح الخير...

في بداية كلمتي أرحب بحفاوة بكم جميعاً إلى هذا المؤتمر وإلى معرض الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية في أربيل بإقليم كوردستان. كما أرحب بصورة خاصة بالسيد وزير الصحة العراقي، علاء الدين العلوان، وزير التعليم العالي العراقي، الدكتور قصي السهيل، والسيد رئيس صندوق إعمار المناطق المتضررة من الإرهاب، الدكتور مصطفى الهيتي، والجهات المعنية في مجلس النواب العراقي الذين شرفونا بحضورهم، مرحباً بكم جميعاً.

يسعدني أن هذا العدد الكبير من الأساتذة والدكاترة والأطباء وخبراء القطاع الصحي والطبي في إقليم كوردستان والعراق ودول المنطقة والعديد من الدول، مجتمعون هنا في أربيل، للمشاركة في تجمع هام معنيّ بالقطاع الصحي والطبي الذي يحظى بمنتهى اهتمام حكومتي إقليم كوردستان والعراق.

أشكر شركة (إيرا آربو) وأشد على أيديها لتنظيمها هذا الحدث ولجهودها في التحضير لهذا المعرض ودعوة هذا العدد الكبير من الضيوف من الخارج.

آمل أن يتحول هذا الحدث إلى ملتقى سنوي مثمر على مستوى المنطقة والعالم أيضاً، وأن يخرج بتوصيات ونتائج جيدة ويساعد في تقدم القطاع الصحي والطبي وفي إنجاح خطط وستراتيجيات حكومتي إقليم كوردستان والعراق الرامية إلى توفير أفضل النظم والخدمات الصحية والطبية للمواطنين.

أيها السادة...

إن الأوضاع الصعبة التي مر بها إقليم كوردستان في السنوات الأخيرة، منذ بداية العام 2014 عند بدء قطع صرف حصة إقليم كوردستان من الموازنة العامة، ثم حرب داعش، وتوافد نحو مليوني نازح ولاجئ على إقليم كوردستان، وتراجع أسعار النفط، كانت لها آثار سيئة على قطاع الصحة في إقليم كوردستان، كما على سائر القطاعات، وأدت إلى تعطيل خطط وبرامج الحكومة في جميع القطاعات، أو إلى تأخيرها.

يعد بناء نظام صحي متطور، من الستراتيجيات والأعمال التي تحظى بالأولوية عند حكومة إقليم كوردستان، فقد أدركَت الحكومةُ في وقت مبكر حاجة إقليم كوردستان إلى نظام صحي عصري، لكن إقامة نظام كهذا على أساس العُرف السائد في السابق والذي استمر عشرات السنين، وما اتبع في عموم العراق سابقاً ولم يكن شكل النظام فيه واضحاً، وليس تغيير كل هذا بالعمل اليسير، بل هو على العكس يشكل تحدياً كبيراً يحتاج إلى الكثير من العمل والجهد.

ورغم ذلك، سعت الحكومة بقدر الإمكانيات المتاحة وباستمرار لتطوير القطاع الصحي والطبي، وبفضل الإرادة القوية لدى الحكومة لتطوير وإصلاح القطاع الصحي، تم تقديم الخدمات الصحية في القطاع العام لجميع المواطنين مجاناً وبدون تمييز بينهم. فقد جرت حملات تلقيح الأطفال بانتظام، وارتفع عدد المؤسسات الصحية والطبية، وتقدمت الدراسة الجامعية في الاختصاصات الطبية المختلفة، وكانت الخدمات الصحية والطبية، وخاصة خدمات العلاج الصحي الأولي في مستوى جيد.

نعم... لو ألقينا نظرة سريعة على الإحصائيات، سنجد أنه بالرغم من كل المشاكل والصعاب، واصل القطاع الصحي والطبي، سواء عن طريق الحكومة، أو عن طريق القطاع الخاص، تقدماً مستمراً ومتواصلاً حتى وإن لم يكن سريعاً.

فمثلاً، ارتفع عدد المستشفيات الحكومية من 26 إلى 76 مستشفى، وعددُ المراكز الصحية من 178 إلى 967. كما ارتفع عددُ أسرّة استقبال المرضى من 3731 سريراً إلى 7805، وعددُ صالات العمليات الجراحية من 45 إلى 252 صالة، وارتفع عددُ الأطباء من 826 إلى 6814 طبيباً، وعددُ الصيدليات من 48 إلى 1236 صيدلية. أما في القطاع الخاص، فهناك 47 مستشفى في المحافظات الثلاث، أربيل والسليمانية ودهوك، تُقدم العلاج لأكبر عدد من الأمراض ومنها الأمراض المزمنة، وتُجري عمليات جراحية دقيقة وحساسة ومتطورة، ففي العام الماضي، 2018، مثلاً، تم إجراء 1760 عملية قلب في إقليم كوردستان.

ويوجد في إقليم كوردستان عدد كبير من المراكز المتخصصة تحمل شهادات بورد عربية وعراقية، ومنها: 26 مركزاً و24 مركز فحوصات نهائية حاصل على البورد العربي، و32 مركزاً حاصلاً على البورد العراقي، كما أن المراكز الحاصلة على بورد إقليم كوردستان تعمل في معظم التخصصات.

إن ارتفاع عدد المستشفيات الحكومية والأهلية، والتوسع في التخصصات الطبية المتنوعة، وفتح مراكز ومجمعات طبية وعيادات طبية عصرية واستخدام أحدث الأجهزة والتكنولوجيا الطبية وعلاج أغلب الأمراض في إقليم كوردستان، والسيطرة على الأدوية وتحسين ظروف تخزينها وحفظها ونقلها، وتوسع وتنوع الدراسات الطبية وتخصصاتها، كلها أمور تدل على التقدم المستمر في القطاع الصحي بإقليم كوردستان، وهذا ما جعل أغلب مناطق العراق يقصدون دارهم، ويأتون إقليم كوردستان.

لكن، السؤال هو: هل هذا الموجود يرقى إلى مستوى طموحنا وتطلعاتنا؟ كلا بالتأكيد. نحن نتطلع إلى مستوى أعلى وخدمات أفضل ونوعية أرقى من الخدمات الصحية والطبية. ولهذا الغرض، فإن لدى الحكومة ستراتيجيات وخططاً قصيرة الأمد وبعيدة الأمد. فكل النظام الصحي في إقليم كوردستان وفي عموم العراق بحاجة إلى مراجعة وتحديث وتحسين وتطوير بصورة عصرية تضمن تقديم خدمات أفضل وأكثر تطوراً للمواطنين في كل العراق.

وهذا يبدأ بإصلاح وتعديل قوانين ومهام الجمعيات والنقابات الخاصة بهذا القطاع، وصولاً إلى التجارة والاستيراد والسيطرة على الأدوية، وإدارة المستشفيات والعيادات والمجمعات والمراكز الطبية، والتعامل مع المريض، وتحسين العلاقة بين الطبيب والمريض، وتقديم كل أنواع الخدمات الطبية، بحيث يكون المواطن هو المحور الرئيس، ويتلقى أفضل علاج بأسعار مناسبة تتفق مع الظروف المعيشية والمستوى الاقتصادي لإقليم كوردستان.

إن القطاع الصحي في كل العراق بحاجة إلى تخصيص موازنة أكبر، والنظام الصحي الذي يقتصر حتى الآن على العلاج، يجب أن يصبح وقائياً، وتجب زيادة التخصصات في التخطيط الصحي، وخدمات التمريض، وتكنولوجيا المعلومات الصحية، وأن يكون لكل مريض ملفه الإلكتروني، وأن يولى اهتمام خاص بنوعية الغذاء وبالأمن الغذائي الذي هو قسم هام من أمننا القومي. هناك حاجة إلى المزيد من التنسيق بين القطاعين الصحيين العام والخاص، ويجب رفع المستوى النوعي للأدوية واتباع نظام طبيب العائلة، واتباع نظام ضمان صحي يناسب إقليم كوردستان والعراق، كما يجب أن يكون نظام وخدمات الإسعاف أسرع وأكثر فاعلية.

أيها الحضور الكريم...

إن الصحة جزء هام ورئيس من أمننا القومي والوطني، ويجب إيلاء اهتمام رئيسي بنشر الوعي الصحي، سواء من ناحية الوقاية من الأمراض والحد من انتشار الأوبئة، أو من حيث استعمال الأدوية والعلاج بالصورة الصحيحة.

يجب أن يكون الوعي الصحي جزءاً رئيسياً من ثقافة المجتمع، ويستطيع الإعلام أن يمارس دوراً هاماً في نشر ورفع مستوى الوعي الصحي، ولهذا الغرض يجب أن تكون للمؤسسات الصحية خطط وأن تعمل باستمرار على نشر الثقافة والإدراك والوعي الصحي.

يجب أن نبدأ منذ مرحلة رياض الأطفال بزرع بذور الوعي الصحي لدى أفراد مجتمعنا، وأن يتم من مرحلة إلى أخرى تلقينهم التربية الصحيحة والأكثر صحة. يجب الاهتمام بالرياضة وأن تصبح التمارين الرياضية جزءاً من روتين الحياة اليومية لكل فرد منا. إن رفع مستوى الوعي إلى الدرجة التي يَعتبر معها كل واحد منا نفسه مسؤولاً عن حياته وصحته، هو جزء هام من مهنتكم.

أيها السادة...

وكما في المجالات الأخرى، يستطيع القطاع الخاص أن يضطلع بدور هام في إصلاح وتطوير النظام الصحي وتقديم الخدمات. إن التجارب الناجحة للدول المتقدمة في هذا المجال هي دليل حي يثبت هذه الحقيقة. يجب تنمية القدرات والمستوى العلمي والتخصصي الطبي، ويمكن تحقيق هذا بالإفادة من التجارب المتقدمة للدول، وإجراء البحوث العلمية المستمرة، والمشاركة في المؤتمرات وورش العمل الدولية، وصولاً إلى العمل المشترك والجماعي مع الفرق الصحية الأجنبية ونقل التجارب الناجحة إلى كوردستان والعراق.

إذا اتبعنا نظاماً صحياً متقدماً وكان هدفنا تقديم خدمات أفضل وأكثر فاعلية للمواطنين، يمكننا الجزم بثقة كاملة بأن مهنتكم هي مهنة صناعة الحياة بكل معانيها.

ختاماً، آمل النجاح لهذا المؤتمر والمعرض، وأرجو أن ألتقيكم هنا في العام القادم وبنفس الحماسة الحالية، ونتطلع إلى أن يخرج مؤتمركم بآراء وملاحظات وتوصيات نافعة تُعين حكومتي إقليم كوردستان والعراق على إعادة تنظيم وتطوير النظام الصحي والتقدم بالتعليم والخبرة الطبيَّين.

من هنا، أنتهز هذه الفرصة لأتقدم بغاية شكرنا وتقديرنا أنا وحكومة إقليم كوردستان، إلى كل الأطباء والكوادر والعاملين في قطاع الصحة، الذين لم يتوقفوا عن تقديم خدماتهم في الأيام الصعبة الماضية، خلال حرب داعش والأزمة المالية، ولم يتركوا المرضى والجرحى بدون خدمات. شُكرُنا وتقديرُنا لهؤلاء الذين واجهوا الكثير من الصعاب، ولم يغلقوا أبواب المستشفيات والمراكز الصحية وواصلوا تقديم خدماتهم.

نشكر ونشد على أيدي السيد الدكتور ريكوت حمة رشيد، وزير الصحة، وفريق الوزارة وكافة المؤسسات الصحية في عموم إقليم كوردستان، الذين قدموا في السنوات الصعبة الماضية كل ما في وسعهم من خدمات صحية ورعاية طبية لمواطني إقليم كوردستان، ومعهم لنحو مليوني نازح ولاجئ في مخيمات إقليم كوردستان.

وفي الأخير، اليوم هو الأول من أيار، عيد العمال العالمي، فأتقدم بالتهاني لعمال إقليم كوردستان والعراق، وأرجو لهم عيداً وعطلة سعيدة. تحية للعمال ولجهودهم ولسواعدهم. إن دورهم في بناء وإعمار وتطوير العراق وكوردستان يستحق الشكر والتقدير. ومن هنا أؤكد أن حكومة إقليم كوردستان ستعمل كدأبها وستسعى دائماً لتحقيق حقوق العمال وتأمين حياة لائقة لهم.

مرة أخرى أرحب بكم جميعاً، وأرجو التوفيق والنجاح لهذه المراسم.
وشكراً جزيلاً