Kurdistan Regional Government


 

نيجرفان بارزاني: مستقبل شعب كوردستان رهن بكسب العلم

خلال مراسم جرت بعد ظهر اليوم، الأربعاء 27 آذار 2019، بحضور السيد نيجرفان بارزاني، رئيس وزراء إقليم كوردستان، السيدة د. فالا فريد، رئيسة برلمان كوردستان، السيد قوباد طالباني، نائب رئيس الوزراء، وعدد من السادة الوزراء والبرلمانيين وقناصل وممثلي الدول الأجنبية وأكاديميين وأساتذة جامعيين محليين وأجانب، تم منح دكتوراه فخرية من قبل جامعة صلاح الدين للبروفيسور د. كوجَر بيركار.

وألقى السيد نيجرفان بارزاني، رئيس وزراء إقليم كوردستان، خلال المراسم كلمة، فيما يأتي نصها:

أيها الحضور الكرام الأحبة

تحية لكم

أرحب بكم جميعاً، وأرحب ترحيباً خاصاً بضيفنا العزيز الدكتور (كوجَر بيركار)، كما أبارك وأشكر جامعة صلاح الدين، والدكتور (أحمد دزَيي) رئيس الجامعة على قرارهم منح درجة دكتوراه فخرية للبروفيسور (الدكتور كوجَر)، أشكرهم على تنظيم هذه المراسم، ويسعدني أن أشارك معكم أيها السادة هنا.


في الحقيقة، أشعر بالسعادة لسببين، لا شك أن أولهما هو وجود البروفيسور الدكتور كوجَر هنا في هذه المناسبة المخصصة لحضرتهم. والثاني هو أنه ربما آن الأوان أن نعلن نحن أيضاً ضرورة الالتفات إلى مجالات الحياة المدنية الطبيعية التي أبعدتنا عنها التوترات والتعقيدات والحرب، بعض الشيء ولسنوات.

لا ينبغي لنا نحن أن ننسى في يوم من الأيام حقيقة أن السبيل الوحيد لتقدم أي شعب يتمثل في تعلم العلوم العصرية. يجب أن لا ننسى بأن المستقبل المشرق الحافل بالسؤدد لنا كأفراد وكمجتمع ينحصر في كسب العلم وفي الإنجاز العلمي.

إن شعب كوردستان أينما كان، يفخر بالشخصيات العلمية التي تستطيع رفع اسم كوردستان والكورد في مختلف المجالات، وتتحول في الداخل إلى دافع لتغيير فكر وتفكير المجتمع. إن هذا كفاح ذو شأن إلى جانب الكفاح السياسي. إن كوردستان لها الكثير من البيشمركة والأشخاص الشجعان، ونحن اليوم بحاجة إلى أشخاص قديرين وإلى علماء في مجالات العلم يستطيعون تطوير فكر وعقل الإنسان.

نحن نعلم أن الدكتور كوجَر حقق ما حققه بجهوده الشخصية ولم يكن له داعم ومشجع سوى أسرته، حتى ظفر بجائزة (فيلدز) الشهيرة في مجال علوم الرياضيات. إن هذا بحد ذاته درس آخر جديد لشبابنا يحثهم على المزيد من الاعتماد على النفس. لأن الأعذار والتذمر لن يسدّا أي نقص في مجتمعنا. إن العمر يمضي وكذلك مسيرة التاريخ، ويجب أن نغتنم الوقت ونفيد منه.

يوجد في إقليم كوردستان نحو ثلاثين جامعة، يدرس فيها سبعمائة ألف طالبة وطالب، وتحتضن ثمانية آلاف دكتور ومدرس. ورغم كل النواقص في الوضع الاقتصادي، كانت الأولوية عند حكومة إقليم كوردستان دائماً لدعم التعليم.

لا شك أننا لا ندعي عدم وجود أي خلل وأن كل الأمور كامل ولا خلل هناك. لكننا نقول إن على الطلبة والمدرسين أن لا يضيعوا الوقت في هذه الفترة الذهبية من تاريخ كوردستان. عليهم أن يصلوا الليل بالنهار في سبيل طلب العلم. ينبغي من الآن فصاعداً، أن يتخذوا من عالمٍ كالدكتور (كوجَر بيركار) الذي خطا خطوة كبيرة ووصل إلى قمة عالية، مثلاً أعلى لهم. ونرجو ونحن واثقون أنه سيتخذ المزيد من الخطوات إلى الأمام.

على الطالبات والطلبة أن يزوروا اليوم بفخر أضرحة شعراء كحضرة الخاني والأستاذ قانع وبيرةميرد وبيكةس، الذين دعَوْنا إلى تعلم العلوم. كما علينا أن نتوجه بفخر إلى حيث صور قادتنا العظام كالشيخ محمود والقاضي محمد والبارزاني الذين قدموا كل التضحيات في سبيل مستقبلنا.

إننا في حكومة إقليم كوردستان، وحتى في الأيام التي كانت كوردستان تئن تحت وطأة حصارين اقتصاديين، جعلنا الأولوية للجامعات والمعاهد، وقبل أيامنا، كانت الدراسة الجامعية حلماً بالنسبة إلى الكثيرين، ولكن في ظل حكومة الإقليم أصبح في كل بيت طلبة وخريجو جامعات.

لكن علينا أن نعلم بأن المستوى العلمي هو الذي يهم في الدراسة، يجب أن يكون الهدف الأول للطلبة استحصالَ العلم والمعرفة، يجب أن يكون الإثراء والتسلح بالعلم والمعرفة، وليس فقط التخرج في الجامعة ونيل الشهادة.

في هذه المناسبة أؤكد على مطالبة رئاسات الجامعات الحكومية والأهلية بأن تبذل مساعي أكثر جدية، ليكون إقليم كوردستان أنموذجاً للتقدم الدراسي والعلمي، إن كفاحنا الحقيقي يكمن هاهنا. كما أن تحقيق أحلام آبائنا وأجدادنا لن يكون إلا بإصراركم واجتهادكم في سبيل التعلم والعلم.

في الماضي القديم، وإلى جانب القادة السياسيين العظام المشهورين، برز من بين أبناء شعبنا الكثير من العلماء والمثقفين والفنانين الكبار. ولو ألقينا نظرة على صفحات تاريخ تلك العلوم والثقافات، التي كتبت باللغات العربية والفارسية والتركية، نجد أسماء المئات من أبناء كوردستان.

هذا جزء من التاريخ المشترك بيننا وبين الشعوب المحيطة بنا ولا شك أنه محل فخر لشعب كوردستان. لكن كوردستان في تلك الأيام لم تكن تمتلك هوية مستقلة، لهذا كانت نتاجات علمائنا ونوابغنا تبقى يتيمة وتذهب إلى أمم أخرى.

كوردستان اليوم لها أصحابها، ولدينا هوية، وأصبحنا في مصاف الشعوب، ولا شك أننا في المستقبل سنفوز بهوية أكبر، وهذه المهمة لا تنجزها السياسة وحدها ولا يضطلع بها البيشمركة وحدهم، فأنتم في جامعات ومعاهد ومدارس كوردستان تديرون ما يجري في ميدان التسابق الحضاري والمدني.

لطرح هذه الملاحظات أحببت أن أشارككم في هذه المناسبة، إلى جانب سعادتي بالدكتور (كوجَر بيركار) الذي نجتمع هنا اليوم جميعاً من أجله.

ختاماً، أهنئ شعب كوردستان الذي أنشأ ابناً كالبروفيسور الدكتور كوجَر بيركار، وأنا على ثقة أن كل فرد في كوردستان يعتز بهذا الابن الفذ في مجال علوم الرياضيات.

تهانيّ الحارة للدكتور كوجَر بيركار شخصياً على كل إنجازاته العلمية السابقة، وعلى الجوائز الكبرى التي ظفر بها. وهو الذي قدم هو بإنجازاته العلمية التي حققها خدمة كبيرة لشعبه ولبلده وللعالم.

وهنا أود التذكير بمقولة للرئيس الأمريكي الأسبق، جون كندي، تقول:
"لا تسأل عما يمكن أن يقدمه لك بلدك، بل اسأل ماذا يمكن أن تقدم أنت لبلدك؟"

أرجو أن يكون هناك الكثير من أمثال الدكتور كوجَر، وأهنئ وأبارك لعائلته الكريمة التي أهدت الوطن هذه المفخرة الكبرى وأهنئ شعب كوردستان على كل هذه الجامعات وعلى هذه الأعداد الكبيرة من الطلبة والدكاترة والأساتذة.

أشكر وزارة التربية والسيد الوزير، الدكتور بشتيوان صادق، على بدء السعي لتمكين إقليم كوردستان من الاشتراك في العام 2022 في التقييم الدولي لدراسة الرياضيات والعلوم (تيمس - TIMSS)، الذي ينظم مرة كل أربع سنوات ويظهر مستوى النظام التعليمي من خلاله.

أكرر تحياتي وتقديري للجميع، وخاصة رئاسات الجامعات والطلبة والأساتذة والموظفين، ولتتذكروا دوماً أننا ننتظر منكم الكثير.

وكما أسلفت، آمل أن تكون هذه المناسبة والسنة الجديدة بدايةً لعهد جديد في حياة شعب كوردستان وهو عهد التسابق العلمي، ودعونا لا ننسى أن مستقبلنا قائم على كسب العلم.

وأكرر شكري لكم جميعاً على مشاركتكم في هذه المراسم، وأود أن أختتم كلماتي هذه بالقول إنه عندما كنا اليوم مع السيد قوباد نتحدث عن هذه المراسم، وإلى جانب تقديرنا وشكرنا لجامعة صلاح الدين التي اتخذت خطوة ممتازة، فإننا كلانا نقترح أن تبادر واحدة من جامعات صلاح الدين، السليمانية أو دهوك إلى افتتاح قاعة باسم البروفيسور الدكتور كوجر بيركار، وسيكون هذا عملاً جيداً جداً.

آمل أن يزيد أمثاله، وأرجو له العمر المديد والتوفيق

شكراً لكم جميعاً