Kurdistan Regional Government


 

يوم إعدام الطاغية صدام يوم الأحزان

عندما اقتيد طاغية العراق صدام إلى حبل المشنقة و تم إعدامه بموجب الأدلة الثبوتية و بنزاهة جلسات المحكمة و الشهود البالغ عددها 40 جلسة والتي منحت له كافة الفرص للدفاع عن آلاف الجرائم التي ارتكبها بحق شعبنا العراقي المسكين و الشعب الكويتي الشقيق و الجارة الإسلامية و ما صاحب عملية إعدامه من تصرفات غير لائقة ، شعرت بحزن عميق ، حيث مرّ مسلسل الحوادث و المجازر الدموية التي اقترفها صدام و نظامه السادستي و الشوفيني حزب البعث العراقي منذ أن جاء إلى الحكم بقطار أنجلو – أمريكي في الثامن من شهر شباط المشؤوم عام 1963 و حتى تاريخ إعدامه كفلم رهيب مرعب حزين أبكاني .
ولتذكير العرب الذين تعاملوا معه و ساندوه على جرائمه التي لا تعد و لا تحصى و استفادوا من أموال شعبنا العراقي النبيل التي سرقها هو و عصابته من خزينة الدولة العراقية أورد بإيجاز ما يلي :

قام نظام البعث العراقي مع أفراد من القوميين العرب الذين ساندهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر و بمساعدة المخابرات الأمريكية و البريطانية و أفراد من شركات النفط العراقية البريطانية IPC بعقد لقاء سري في المنامة عاصمة البحرين في شهر ديسمبر عام 1962 و حددوا موعد إنقلا بهم المشؤوم في الثامن
من شهر شباط 1963 ضد الزعيم الوطني و الشعبي المرحوم اللواء الركن عبد الكريم قاسم .

زودت السفارة الأمريكية في بيروت الإنقلابيين بالمال و السلاح حتى موعد الإنقلاب . بدأ الطيار منذر الونداوي بقصف وزارة الدفاع العراقية و استولت بعض القطعات العسكرية على محطة التلفزيون العراقية و التحق بالإنقلابيين الرئيس المخلوع عبد السلام في محطة التلفزيون ، حيث اتصل بالزعيم عبد الكريم قاسم و أخبره بأن الإنقلابيين سيسمحون لك بالسفر إلى أية دولة تختارها بشرط أن تسلم نفسك و تأتي إلى محطة التلفزيون العراقية في محلة الصالحية .
هب الشعب العراقي لمساندة الزعيم عبد الكريم قاسم و طلب منه تزويده بالسلاح للحفاظ على مكاسب الثورة العراقية و دحر الإنقلاب ، إلا أن المرحوم رفض أن يسلمهم الأسلحة و قال لهم بنص العبارة : " أنهم يريدونني شخصيا و أنا لا أريد أن تحدث حرب أهلية لإسالة دماء أبناء شعبي العراقي " .

كان الزعيم عبد الكريم قاسم يعتقد بأن وعد البعثيين و القوميين و زميله عبد السلام عارف صادقون و وعدهم وعد رجال . وهكذا ذهب الزعيم بنفسه بسيارته العسكرية وكان حاملا بيديه الكريمتين راديو ترانسستور لمتابعة إذاعة البيانات . وعندما وصل إلى مبنى التلفزيون حياه الجنود ، وحال دخوله المبنى إنقلبت الأوضاع .

وبعد أن دار نقاش حاد و شتائم بينهم و بينه ، أخبره عبد السلام عارف بأن القيادة لم توافق على سفرك خارج العراق و أنها قررت رميك بالرصاص . و فعلا سددوا إطلاقات الرصاص على جسم رئيس الجمهورية و الزعيم الشعبي البار و هو بملابسه العسكرية و خر مضرجا بدمائه ، حيث داس أحد الجنود الأشرار على رأسه و بصق عليه . لم يمنحوا هذا الزعيم الأبي حق الدفاع عن نفسه و لم يعطوه أية فرصة لطلب محام و قتلوه في مدة لا تزيد عن ربع ساعة . وقد عرض التلفزيون العراقي بصورة حية عملية قتل الزعيم الوطني الذي أبلى بلائا قويا في محاربة إسرائيل عام 1948 حتى أطلق العدو على المعركة الباسلة للذود عن الإخوة الفلسطينيين باسم كفر قاسم أي بإسم عبد الكريم قاسم .

لماذا لم يحتج العرب على هذه الجريمة بمثل ما فعلوه قبل يومين ؟
ألم يكن الزعيم اللواء الركن عبد الكريم اسم رئيسا للجمهورية العراقية ؟

في صباح الإنقلاب المشؤوم الذي كان في 14 رمضان ذهبت مشيا على الأقدام عبر شارع الرشيد متوجها إلى عملي في كلية التربية فوجدت جماهير الشعب العراقي موظفين و معلمين و طلاب مدارس و جامعة و أصحاب محلات و عمال و غيرهم متظاهرة تصرخ و تركض باتجاه وزارة الدفاع لنجدة الزعيم عبد الكريم الذي كان رمز و زعيم ثورة 14 تموز 1958 الذي انتخبه إخوانه من الضباط الأحرار رئيسا و زعيما للعراق .

إن إعدام رئيس الجمهورية العراقية الخالد الزعيم اللواء الركن عبد الكريم قاسم في 14 رمضان 1963
هي جريمة مخالفة لشهر العبادة و الطاعة . وعلى الفور شكلوا الحرس القومي و زودوهم بالأسلحة الرشاشة حيث قاموا بقتل و إعدام ما بين 12 – 14 ألف شخص من الطلبة و المعلمين و الشباب في شهر الطاعة رمضان 1963 في السجون و المعتقلات المتعددة كـنقرة السلمان و الأمن العامة و ساحة الكشافة و ملعب المنصور الدولي ببغداد و في نادي الضباط و معسكر الرشيد و في مجازر جماعية في الإسكندرية و اليوسفية .
وقاموا باغتصاب الطالبات و السيدات في ملعب المنصور و ساحة الكشافة و مناطق أخرى .

وردت مقولة على لسان علي صالح السعدي زعيم الحزب و المساهم في حركة شباط و نائب رئيس الوزراء آنذاك : " إننا جئنا إلى السلطة بقطار أمريكي " ( راجع : حسن العلوي : العراق دولة المنظمة السرية ، صفحة 26 ) .

يذكر حسن العلوي في كتابه أعلاه صفحة 28 : " لم يكن صدام في ذلك الوقت سوى عضو في تنظيم شعبة الفلاحين . لكن ورود إسمه في محاولة إغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في تشرين الأول 1959 م و قرابته المحلية برئيس الوزراء أحمد حسن البكر و بالحاكم العسكري العام رشيد مصلح التكريتي و برئيس أركان الجيش طاهر يحيى التكريتي قد تساعد صدام التكريتي و هذا اسمه آنذاك على بناء نفوذ ما ، لكنه لم يكن مؤهلا في أية مواصفات حزبية أو شخصية أو إحتماعية لدور أكثر من حمل بندقية و مطاردة خصوم السلطة . ....
ففي انقلاب قاده عبد السلام عارف بالإتفاق مع مجموعة من الضباط التكريتيين على حزب البعث في 18 تشرين الثاني 1963 م ، شوهد صدام حسين إلى جانب رجال الأمن و أشخاص آخرين من مؤيدي الإنقلاب يهاجمون مقرات الحزب فأصدر البعثيون تعليمات بالقبض عليه لكن الإنتصار السريع لرجال الإنقلاب على حزب البعث أنقذ صدام التكريتي من العقاب الحزبي المنتظر . وفي موقف صدام هذا يبدو ولاؤه القروي و رابطته التكريتية ، قد طفت على ميوله الحزبية فبلغه الحاكم العسكري العام رشيد مصلح التكريتي بمهمة خاصة لكشف تنظيمات البعثيين . وكان ذلك التكليف سببا يعزو إليه بعثيون سابقون إقدام صدام حسين على إعدام رشيد مصلح ليقطع دابر إعتراف قد يصدر عنه ضده .
نشير هنا إلى أن حزبيا آخر يدعى محسن الشعلان كان يحمل رشاشا آليا مع صدام حسين في الهجوم على مقرات الحزب قد أعدمه صدام هو الآخر بتهمة استمرار علاقة قديمة له مع شقيق أحد المحكومين بالإعدام في وقت سابق ، خلافا للتعليمات التي تقضي بمقاطعة عوائل المعدومين .

ان صدام حسين تصرف مع قادة الإنقلاب للحزب و المسمى بثورة 14 رمضان ، بمثل تصرفه مع قادة محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم ـ فأعدم أو إغتال قادة بارزين ساهموا بانقلاب شباط الذي جاء بحزب البعث إلى السلطة .فبالإضافة إلى إعدام الحاكم العسكري العام ، أعدم صدام قائدا آخر ، هو مدحت الحاج سري
أمين العاصمة السابق و شقيق رفعت الحاج سري الذي قاد محاولة انقلاب فاشلة عام 1959 و أعدم اعقابها ، فجعل حزب البعث من إسمه عنوانا للثأر من عبد الكريم قاسم .
واغتال صدام حسين و بطريقة تخلو من الشهامة ، قائد الهجوم العسكري على وزارة الدفاع ، اللواء عبد الكريم نصرت وأعلن بيان صادر عن صدام حسين ان غلاما منحرفا كان اللواء عزت على صلة جنسية به هو الذي اغتاله بمنزله !
أن موقف صدام حسين من رجال الحزب و الدولة في أول انقلاب للمنظمة السرية يكشف عن افتقاره من الوفاء يعمه بالكثير من الغدر . ( المصدر السابق ، ص 28 – 29 ) .
تم إغتيال الفريق حردان التكريتي نائب رئيس الجمهورية في الكويت عام 1970 و إغتيال الفريق عبد الرزاق النايف ، رئيس وزراء إنقلاب 1968 و إغتيال الدكتور ناصر الحاني أول وزير خارجية لإنقلاب 17 تموز 1968 .
و يشير العلوي قائلا : " في دولة صدام حسين تتساوى المراسيم و القرارات و الأوامر و القوانين .
ولا تعجبوا فقد أصدر صدام " قرارا " أعلن فيه أن " قرارات " مجلس قيادة الثورة هي قوانين و كل قرار يصدره المجلس انون و كل قول لصدام يصدر بقرار من المجلس انون !!
وكل كتاب يصدره قانون .
وكل أمر يصدره قانون .
وهذا " حالة قانونية " لا يعرف لها مثل في " دولة " أخرى فالمعروف ان المرسوم يختلف عن القرار و القرار يختلف عن القانون إلا قرارات صدام فهي قوانين و عليكم أن تتصوروا كم قرارا يصدره صدام شخصيا أو من خلال مكتب أمانة سر مجلس قيادة الثورة لتعرفوا كم قانونا يتحكم بمصائر العراقيين حاليا و كيف تصدر القوانين و السهولة التي يصنع فيها القانون .
ولكي تكونوا في الصورة نذكر بأن أمين مجلس قيادة الثورة الفعلي هو علي الحسين إبن عم صدام حسين ، و هو جندي هارب يحمل شهادة الدراسة الإبتائية !!
إن الشعب العراقي ظل يستمع إلى وعود بقيام مجلس وطني في البلاد منذ انقلاب عبد الرزاق في 17 تموز 1968 و الذي جاء بصدام التكريتي و عائلته إلى السلطة و لم يظهر ما يشير إلى إجراء انتخابات برلمانية إلى أن انفرد صدام بالسلطة بعد حملة إعدامات بين تنظيماته أودت بحياة عبد الخال السامرائي و سبعة أعضاء في مجلس قيادة الثورة و 30 آخرين من الكوادر الحزبية و الرسمية و كعادته بعد كل مجزرة أعلن صدام انه سيجري انتخابات تشريعية . ( المصدر السابق ، ص 59 ) .

كما تم إغتيال مروان التكريتي الذي أوصل صدام إلى السلطة في انقلاب 17 تموز 1968 ، و إغتيال فؤاد الركابي مؤسس حزب البعث في العراق و ممثل الحزب في أول حكومة شكلت بعد 14 تموز و سعدون البيرماني دبر له حادث سيارة أودى بحياته و حياة زوجته و صلاح صالح قتل في حادث طائرة و حمودي العزاوي المستشار السابق في السفارة العراقية في الكويت قتل في حادث طائرة و سليم الزيبق من أوائل الذين جرب فيهم سم الثاليوم . وزير خارجية العراق عبد الكريم الشيخلي ، الذي هرّب قتلة حردان التكريتي في طائرة خاصة ، أغتيل بالرصاص في 8 نيسان 1980 ، أما مرتضى الحديثي ، فقد قتل في السجن و أن شاذل طاقة ، قتل مسموما في المغرب ، كما قتل قاسم السماوي ، وكيل وزارة الخارجية و قتل حمودي الغزاوي قاسم كلكاوي ، برتبة سفير و كذلك محمد حسين الشامي مدلول ناجي ، برتبة سفير و قتل عدنان شريف برتبة سفير أيضا . أما طالب صويلح ، أعدم رميا بالرصاص في 8 / 8 / 1979 ، و أعدم رميا بالرصاص في 8 / 8 / 1979 عدنان حسين الحمداني ،وزير التخطيط ، و تم إعدام محمد فاضل شنقا في يوم 3 / 7 / 1973
أما الدكتور منيف الرزاز ، جرت تصفيته في السجن في أيلول 1984 ، و قد أعدم غانم عبد الجليل و إسماعيل النجار و نوري حمودي و كذلك الدكتور جاسم المشهداني و محمد صبري الحيثي صفير العراق في تونس
وقد حكم صدام على ناظم كزار لالموت مع ثلاثين رجلا من العاملين في أجهزة الأمن و على حسن المطيري في آب عام 1973
أما طارق حمد العبد الله ، رئيس الديوان الجمهوري ، فإنه قتل بمسدس كاتم الصوت
و تم إعدام عبد الخالق السامرائي ، الذي نفذ فيه حكم الإعدام رميا بالرصاص يوم 8 / 8 / 1979 و أعدم رميا بالرصاص عدنان الحمداني أيضا .
أما مرتضى سعيد عبد الباقي ، سلمت جثته لزوجته في عام 1981 و قد أعدم وليد الجنابي رميا بالرصاص في 8 آب 1979
أما وزير الصناعة ، محمد عايش فقد قتل في التعذيب و سلمت جثته بدون لسان .

لم نسمع من قبل أن دولة عضو في هيئة الأمم المتحدة قامت بتعذيب و إعدام و قتل و تسميم وزرائها و رئيس وزرائها و وزراء خارجيتها !!

أما عن المجازر الجماعية الرهيبة فحدث ولا حرج حيث قام الطاغية المقبور بقتل الملايين من أبناء شعبنا العراقي من عرب و أكراد و تركمان و أكراد فيلية و مسيحيين و صابئة و كلدو آشوريين و غيرهم و تهجير مئات الآلاف بعد مصادرة أموالهم و ممتلكاتهم و حتى هوياتهم و جنسياتهم و جوازات سفرهم .

لم يلتزم النظام البائد بأية عهود أو مواثيق وقع عليها صدام بنفسه ، فمثلا :

إتفاقية الجزائر مع شاه إيران 1975 حول إستعمال مياه شط العرب و مرور سفن الجانبين ، نقضها صدام بنفسه من جانب واحد و شن حربا مدمرة على الدولة المجاورة الجمهورية الإسلامية التي دامت أكثر من ثماني سنوات راح ضحيتها من الجانبين أكثر من مليوني و نصف بين قتيل و جريح و دمرت إقتصاديات البلدين بالإضافة إلى تهجير العوائل .

إتفاقية صدام مع الزعيم الكردي المرحوم الملا مصطفى البارزاني لتوطيد العلاقات القائمة بين الأكراد و العرب ، حيث صدر بيان آذار عام 1970 الذي فرحنا به كثيرا .

كيف قام صدام بإلغاء الإتفاقية التي وقع عليها هو بنفسه و بطريقة وحشية همجية لا يرتضيها العقل .
و إليكم تفاصيل الجريمة التي ذكرها الأستاذ حسن العلوي في كتابه أعلاه صفحة 87 :

" في أعقاب صدور بيان آذار عام 1970 لحل المشكلة الكردية زارني في مكتبي بوكالة الأنباء العراقية الشيخ عبد الجبار الأعظمي و هو من علماء الأعظمية المرموقين حاملا خبرا على قصاصة راجيا الموافقة على تحويله إلى قسم الإرسال المحلي و كان الخبر مقتضبا جدا و يدور حول سفر وفد مشترك من علماء الدين إلى كردستان و الإلتقاء بالزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني لتكريس العلاقات بين المسلمين الأكراد و بقية أبناء العراق .
وقد أسرني الشيخ الأعظمي بمصدر الخبر و رجا الإستفسار من مدير الأمن العام ناظم كزار الذي أكد لي في مكالمة هاتفية صدوره عن القيادة .
سألت الشيخ الأعظمي عن خلفيات مهمته فأجاب بطيبة قلب و شيئ من الإعتزاز بدوره أن السيد النائب ( صدام حسين ) و الأخ أبو حرب ( كاظم كزار ) كلفاه بمساع حميدة لدى البارزاني الذي يثق بشيوخ الإسلام ولا يثق برجال السلطة العراقية . و أضاف الشيخ الأعظمي هامسا أن السيد النائب ( صدام حسين ) قد أهدى مشكورا أعضاء الوفد و هم أكثر من عشرة علماء ملابس دينية كاملة و أن مرافقي الوفد و هم سواق السيارات سيقدمونها لنا قبيل و صولنا إلى مقر البارزاني لنكون على أفضل صورة .
فوجئنا في اليوم التالي و كنا نتابع زيارة الوفد الإسلامي أن البارزاني نجا من محاولة لإغتياله أثناء لقائه بالوفد الذين قتلوا بالإجماه و كشف النقاب عن أن الملابس التي قدمت لهم كانت ملغومة و قد تم تفجيرها باللاسلكي من قبل سواق السيارات .
حدثني مسعود البارزاني فيما بعد عن كيفية نجاة والده أن التفجير تم في اللحظة التي تقدم حامل أكواب الشاي لتسليم الكوب إلى والده فأصبح حامل الشاي الذي تمزقت أوصاله بالتفجير حاجزا بين الملا مصطفى و بين محدثيه الملغومين " .

و تأكيدا على أقوال الأستاذ حسن العلوي ، كنت ساكنا في عام 1970 في شقة ببناية الأورفه لي بين شارع السعدون و شارع أبي نؤاس و قد تعرفت على الإخوان مجيد عبد الجليل الموسوي و نعمة عبد الجليل الموسوي صاحبي محل لبيع المواد المنزلية ثم تعرفت على شقيقهم الأكبر الأخ حميد عبد الجليل الموسوي الذي كان يعمل موظفا في أحد البنوك العراقية . و في اليوم الثاني من محاولة إغتيال الزعيم الكردي الخالد الملا مصطفى البارزاني الفاشلة رأيت الإخوان مكسوري الخاطر ، فقلت ماذا جرى ؟ فأجابني الأخ حميد بأن والده شيخ ديني من النجف الأشرف كان مدعوا ضمن هذا الوفد الديني و أنه راح مع علماء السنة ضحية إجرام صدام .

أما عن مباحثات الكويت و إتفاقية صدام الذي خول عزة الدوري و الوفد المرافق له بالتوقيع عليها و بحضور المرحوم الملك فهد بن عبد العزيز في الطائف ، فقبل أن ينشف حبرها غزا صدام الجارة الشقيقة دولة الكويت المسلمة و العربية ، حيث استباح حرماتها و قتل الآلاف من شبابها و حول مختبرات كليات و جامعة الكويت إلى سجون و ورشات تعذيب و إعدامات و قتل و تمثيل تخجل منها الإنسانية . و لم يكتف بذلك بل أنه سرق كل شيئ و حتى أعمدة الضوء في الشوارع و أجهزة التبريد و البنوك و المصارف و السيارات و الذهب و الخيول و القطع الفنية من دار الآثار الإسلامية .
كما أنه قتل البيئة و لوثها عندما أحرق كافة آبار النفط بحيث تلوث الهواء و مياه الخليج و ماتت الأسماك و السلاحف .

لماذا أصبحت ذاكرة الإخوة العرب مثقوبة و ضعيفة ؟

لدى إحتلال صدام للكويت بتاريخ 2 أغسطس عام 1990 قام بالهجوم على المملكة العربية السعودية للإستيلاء على آبار النفط و اقتحمت قواته الأراضي السعودية و دارت معركة حامية في مدينة أو منطقة الخفجي راح ضحيتها أعداد كثيرة من شهداء الإخوة السعوديين إلى أن ردت قوات التحالف القوات المعتدية و طردتهم من الأراضي السعودية .
فإذا كان صدام قائدا عربيا فلماذا الهجوم على المملكة العربية السعودية التي كانت واسطة خير محاولة لحل النزاع بين صدام و دولة الكويت .
الحمد لله بأن صدام لم يستطع الإستيلاء على المملكة بفضل وجود القوات الأمريكية التي تصدت له .
فلو كان قد احتل السعودية لأراها نجوم الضحى كما فعلت الطاغية في الكويت الشقيق لمدة سبعة شهور .

سمعت قبل أيام تصريحات المطوف الشيخ خليل الذي تحدث عن إنطباعاته و تجاربه الجميلة أثناء الطواف حول الكعبة المكرمة بمرافقة الملوك و رؤساء الدول العربية فكانت كلها راقية و جميلة و لما سؤل عن صدام لم يتحدث عنه كثيرا وقال كان صدام يحمل مسدسا و إثنان آخران من مرافقيه .
هل يمكن إعتبار صدام مسلما عندما انتهك حرمة الكعبة بحمل السلاح ؟
لماذا لم تنتزع قوات الأمن السعودية المرافقة له و مرافقيه منهم الأسلحة ؟
ألم يقل سبحانه و تعالي من دخل بيتي كان آمنا ؟
صدام لم يكن مسلما و لم يحب شعبه و لم يثق بأحد و هو يحب نفسه فقط .
أما المجازر الدموية الرهيبة فكانت مجازر الأنفال راح ضحيتها أكثر من 182 ألفا من الإخوة السنة الأكراد
و مجزرة حلبجة راح ضحيتها أكثر من خمسة آلاف نسمة أغلبهم من النساء و الأطفال و الشيوخ و العجائز
كما قام نظام البعث الشوفيني بتدمير أكثر من أربعة آلاف قرية و دار طيلة حكمه البغيض .
كما قام نظام صدام بإعدام أطفال مدرسة كاملة في كردستان أكثر من 100 طفلا و طفلة أمام أعين أمهاتم
و أمهاتهن .

و أما المجازر الجماعية الوحشية في وسط و جنوب العراق فإنها فاقت تخيل العقل البشري ، حيث سمم مياه الأهوار العذبة و قتل الثروة السمكية و آلاف الطيور التي كانت تهاجر إليها في فصول السنة من العالم و قتل أكثر من نصف مليون نسمة من أهالي الأهوار و شرد أكثر من مليون منهم إلى إيران .
إن طاغية العراق لم يترك عائلة عراقية دون شهيد أو شهيدة .
وقد عذب و قتل و أعدم علمائنا الأعلام من السنة و الشيعة كالمرحوم الشيخ الأعظمي و الشيخ البدري و من عوائل السادة الكرام آل الحكيم و الصدر و بحر العلوم و القزويني و غيرهم من طلبة الحوزة العلمية و أئمة الجوامع و المساجد و المراقد المقدسة في كربلاء و الكاظمية و النجف الأشرف و غيرها .

ولم تسلم عائلتي ايضا من إجرام الطاغية المقبور مع نظامه حيث قتل منها 39 شخصا لا ذنب لهم وكان من بينهم إبن خالي و أولاده الثلاثة الذين رماهم النظام و هم أحياء في حوض من التيزاب و الحوامض المركز إلى أن ذابوا .

أستغرب من بعض الإخوة العرب الذين يعتبرون صداما قائدا عربيا و مسلما !

يا ليتهم إطلعوا على جرائمه التي لا تعد و لا تحصى ، فلو أرادت مؤسسة أو جامعة أن توثق كل جرائمه و جرائم البعثين منذ الثامن من شباط المشؤوم 1963 و حتى يوم إعدامه لاحتاجت إلى كتابة عشرات المجلدات الضخمة و الموسوعات مثلما كتب الأخ الدكتور صاحب الحكيم مجلدا ضخما يضم أكثر من أربعة آلاف شهيد وشهيدة بعنوان :

تقرير عن إغتصاب ، و قتل ، و تعذيب و اعتقال أكثرمن 4000 إمرأة في بلد المقابر الجماعية " العراق " ، 930 صفحة .

ماذا قدم صدام لشعبه أولا ؟

تعذيب ، إغتصاب ، قتل ، إعدامات ، تسميم بمادة الثاليوم و بغاز الخردل لأكثر من ثلاثة ملايين عراقية و عراقي طوال حكمه الدموي .
تهجير مئات الآلاف من العوائل العراقية العربية و الكردية .
إختطاف أكثر من عشرة آلاف كردي فيلي تتراوح أعمارهم مابين 12 إلى عشرين سنة لم يعرف أحد شيئا عن مصيرهم .
تبديد و نهب ثروة العراق و ميزانيته و عائدات النفط و توزيعها على عملائه من الفلسطينيين و الصحفيين العرب و الفضائية العربية التي تدافع عنه اليوم
الجوع و الفقر و المرض و الحرمان حتى من أبسط الحقوق .
توزيع كوبونات النفط على بعض السياسيين و الحكام العرب بشكل هبات و على السياسيين الأجانب لشراء ذممهم ، و قد نشرت المدى قائمة واحدة بأسمائهم .
تعريب مدينة كركوك و تهجير مئات العوائل الكردية و حتى التركمانية و استبدالها بعوائل عراقية و عربية

ماذا قدم صدام للأمة العربية ؟

بالنسبة لفلسطين أسس صدام منظمة التحرير العربية البعثية دعاية لنفسه لمقاومة الإحتلال
في الوقت نفسه تفرج على ذبح 30 ألف فلسطيني في الأردن أثناء معارك أيلول الأسود 1970
حيث كانت القوات العراقية مرابطة في الأردن بالزرقاء و مناطق أخرى كان بإمكانها التدخل و الوساطة بين الراحل الملك حسين و الراحل ياسر عرفات لوقف النزيف الدموي بين الأشقاء

قام الشيخ سعد العبد الله الصباح في تلك الأيام على رأس وفد كويتي رفيع المستوى و توسط لدى الملك حسين و أقنعه بوقف القتال ، و لدى عودة الوفد الكويتي إلى الكويت هرّب معه الرئيس ياسر عرفات بزي كويتي و أنقذه من الإعدام .
قدم الطاغية من حليب و أدوية أطفال العراق الذين كانوا يموتون يوميا هدية بمقدار 25 ألف دولار شهريا إلى كل عائلة شهيد فلسطيني في حين كان يموت كل شهر ألف طفل عراقي نقصا للحليب و الدواء و الغذاء !

هل القائد العربي يغزو دولة عربية شقيقة ساندته طوال حربه ضد إيران بالمال و الغذاء ، وهل هذا جزاء الإحسان .؟

هل القائد العربي المقدام يترك جيشه طعما للقتل في رباياهم و مخابئهم دون حماية و غطاء جوي و دون مؤن غذائية قتل منهم ما يقارب 200 شهيد عند تحرير الكويت الشقيق من الغزو البربري الصدامي لها ؟

هل القائد العسكري المحنك يكذب على نفسه و على شعبه عندما خسر معركته ضد الفرس المجوس ؟؟؟ حسب قوله في خرم شهر ، حيث طوقت القوات الإيرانية 60 ألف جندي و ضابط عراقي مع دبابتهم و عرباتهم و أسلحتهم و قتل منه أكثر من ثلاثين ألف شهيد و أسر منهم 20 ألف و غرق منهم بالآلاف
وانسحبت القوات الباقية ، ثم يعلن القائد العربي بأنه انتصر على الفرس المجوس و أنه انسحب من موقع القوة .
حتى أن مكفارلن الخبير في الشؤون العسكرية لمنطقة الشرق الأوسط صرح في صحيفة فراكفورتر ألجماينه قائلا : " لقد أعطينا هذا الرجل كل الخرائط و المعلومات عن تحركات الجيش الإيراني التي التقطناها من طائرات الأواكس التي كانت تنطلق من السعودية ، فلم يقم بالرد المناسب ، فلهذا فشل و أن صداما ليس عسكريا ، لأن القائد العسكري عندما يخسر في معركته بهذا الحجم فإنه ينتحر . هل يريد صدام أن نحارب عنه ؟ لقد أعطيناه كل شيئ من الأسلحة و الخرائط و غيرها " .

هل القائد العربي العسكري المحنك يترك جنوده و ضباطه في المعركة و يهرب هو و يختفي في حفرة في العوجة ؟
إذا كان القائد العربي هكذا فبئسا لهذا القائد و أتباعه و محبيه !!!

الخزي والعار لأعداء الشعب العراقي و اللعنة على كل من ساعد الطاغية و أعوانه على حساب شعبنا العراقي الكريم .
المجد و الخلود لجميع شهداء العراق منذ 8 شباط 1963 لحد تاريخ اليوم
ألمجد و الخلود لشهداء الكويت
ألمجد و الخلود لشهداء إيران