حكومة اقليم كوردستان
THU, 25 APR 2024 18:01 Erbil, GMT +3




You are viewing Kurdistan Regional Government's 8th cabinet website.
For updated information about Kurdistan Regional Government
visit current cabinet's web portal at GOV.KRD please

البترول أهميته، مخاطره وتحدياته .. الباب الثالث دور الجيولوجيا في في تطوير البترول

TUE, 28 JUN 2005 17:17 | KRG Cabinet

ألكشف عن البترول.

أستطاع الباحثون في علم الجيولوجيا من خلال دراسات علمية دقيقة عن طبيعة الطبقات الارضية التي يخرج منها البترول ان يتعرفوا شيئآ فشيئآ على كيفية تكوين البترول في باطن الأرض ، وعن الظروف التي تلائم تجمع البترول في الحقول.
حققت الدراسات الجيولوجية في مجال البحث والتنقيب وإستخراج مصادر الطاقة (النفط والغاز) بشكل تدهش المهتمين بهذا المجال. لقد تم مسح جيولوجي شمل مساحات واسعة من القشرة الارضية في القارات وتحت البحار والمحيطات، وأُعِدَت خرائط دقيقة (ثلاثية الأبعاد) تعكس في مقاطعها تراكيب ومكونات الطبقات الصخرية للقشرة الارضية وما تحمله( تحتويه) من خامات المعادن ومنها( النفط والغاز الطبيعي) في أعماق تزيد عن عشرات الكيلومترات، وهذه المعلومات لا تقدر بثمن وتعتبر سرية للغاية،وفي ضوء تلك المعلومات العلمية تتعامل الدول الصناعية على المدى القريب والبعيد مع حكومات تلك الدول التي تتواجد فيها مصادرالطاقة وخامات المعادن الاخرى , لاسيما المعادن الثمينة.


أحواض البترول في العالم:

تميزت الكرة الارضية منذ نشؤئها قبل ما يقارب من 4,6ـ4,7 مليار سنة بحركات تكتونية( الحركات الارضية) ادت الى نشؤء القشرة الارضية التي تميزت منذ البداية بتضاريسها المتنوعة وتصاعدت المياه المتبخرة من انفجار البراكين وتجمعت بعد سقوطها على شكل أمطاروثلوج في المنخفضات التي كانت موجودة على القشرةالارضية مؤدية الى تكوين الاحواض المائية البدائية ، ومع مرور الزمن تغيرت الظروف المناخية واكملت مكونات الغلاف الجوي وارتفعت حرارة الارض، مما ساعد على ظهورالحياة البدائية في الاحواض المائية ، التي ترسبت فيها الصخور الرسوبية وطمرت معها بقايا المواد العضوية التي تشكل مصدر المواد الهيدروكاربونية ـ النفط ـ التي تواجدت اقدم بقاياها في الصخور التي ترسبت خلال حقبة البروتوزوي المتأخر واستمرت وازدادت كمياتها في المراحل اللاحقة من تاريخ تطور القشرةالارضية حتى العصر الرباعي.
لقد ادى انشطار الكتلة القارية الكبيرة والتي عرفت ب (كتلة ـ البانكي ) الى كتلتين( كتلة أوروآسيا في الشمال وكتلة كوندفاند في الجنوب)، تفصل بينهما منخقض كبير وواسع تمتد من الشرق نحو الغرب والذي ادى الى نشوء محيط التيسيس The Tythis Ocean ـ وتطورت خلال حقبة الميزوزوي( عمرها الجيولوجي مابين210 الى 65مليون سنة) الى ان وصل عرضها الى مابين 2500ـ 4000 كيلومتر، ومر محيط التيسيس خلال تطوره الجيولوجي بمرحلتين رئيسيتين، مرحلة الجيوسينكلينال التي تميزت بشكل عام بالاستقرار النسبي، ترسبت خلالها الطبقات الصخرية ذات الانواع المختلفة لاسيما الكاربونية بسبب تطور ظروف نمو وازدياد وتنوع الاحياء المائية الحيوانية والنباتية مما ادى مع مرور الزمن وفي ظل استمرار علميات الترسيب الى طمر ودفن بلايين من الاطنان من بقايا المواد العضورية التي تحولت الى المواد الهيدروكاربونية في مواقعها الاصلية وعرفت تلك الانواع من الصخور بصخور المصدرـ أو صخور الام ،التي نشأ فيها النفط, انتهت تلك المرحلة بتقلص البحر نتيجة تقارب الكتل المحيطة به عن بعضها البعض ورافقت ذلك نشاطات وانفجارات بركانية وارتفاع بعض اجزاء قاع المحيط الذي ادى الى تكوين جزر وسلاسل جبلية على امتداد محور المحيط مؤدية الى انفصالها الى احواض منفصلة او شبة منفصلة عن بعضها البعض ، وتكونت خلال تلك الفترة المحيطات الحديثة مثل المحيط الاطلسي والهادي،وهي من اولى علامات بداية مرحلة جديدة ، عرفت بمرحلة الاوروجيني(مرحلة بناء السلاسل الجبلية) التي امتلئت خلالها تلك الاحوض المائية المليئة بالاحياء بترسبات بحرية متنوعة طمرت ودفنت معها بلايين الاطنان من يقايا تلك المواد العضوية التى تحولت الى المواد الهيدروكاربونية ووصلت هذه المرحلة الى بداية مرحلتها النهائية التي ادت الى تراجع شديد وانقراض الاحواض المائية وبناء احزمة من السلاسل الجبلية على آثاره في آسيا واوربا وشمال افريقيا ، واغلب السلاسل الجبلية من الهملايا مارا ب زاكروس ، طوروس ، الاطلسي والى سلاسل الالبي في أوربا التي تكونت على آثار بحر التيسيس ولا زالت بعض أجزاء من بقايا التيسيس باقية، مثل البحر الابيض المتوسط والذي سوف ينقرض ويموت بأنتهاء مرحلة الاوروجيني، يعتقد العلماء بأنها تنتهي بعد حوالى 10 ملايين سنة الذي سوف يؤدي الى نشؤء محيط جديد عل امتداد موقع البحر الاحمر والذي عرفه العلماء بالمحيط العربي الافريقي.
تتواجد المواد الهيدروكاربونية في الصخور الرسوبية التي ترسبت خلال نشوء وتطور وانقراض محيط التيسيس في الطبقات والتكاوين التي تكونت خلال حقبة الباليوزوي وازداد كمياتها في ترسبات حقبة الميزوزي والسينوزوي، حيث تتواجد حوالي 57 بالمائة من المواد الهيدروكاربونية في ترسبات حقبة الميزوزي وحوالي 27 بالمائة من المواد الهيدروكاربونية في ترسبات حقبة الباليوزوي(عمرها الجيولوجي مابين 210 الى 590 مليون سنة) والباقية 16 بالمائة في ترسبات حقبة السينوزوي (عمرها الجيولوجي مابين 65 الى 210 مليون سنة)، بينما تتواجد حوالى 27 بالمائة من المكامن النفطية في ترسبات حقبة السينوزوي(عمرها الجيولوجي حوالي65 مليون سنة) وحوالي 58 بالمائة في ترسبات حقبة الميزوزي و15بالمائةفي ترسبات حقبة الباليوزوي بسبب هجرة النفط من الاعماق نحو الاعلي وخزنها في تكاوين وتراكيب جيولوجية مناسبة، محصورة في الجزء الاعلي من القشرة الارضية التي تتكون من الصخور الرسوبية التي يصل سمكها في بعض المناطق الى حوالي 30 كم وتصل سمكها في كردستان العراق الى حوالي 20 كم ، وهذا يعني أحتمال تواجد النفط والغاز بشكل عام حدود تلك الاعماق ،الامر الذي سيزيد من احتمال اكتشاف الكثير من حقول النفط والغار فيها ،لاسيما في المناطق السهلية وذات التصاريس الواطئة والمحصورة بين السلاسل الجبلية كما هو الحال في كردستان.
أثبتت من نتائج الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية والخبرة العملية بان حقول البترول يقتصر تواجدها على المناطق التي كانت تغطيهاالبحار العميقة فيما مضى وتتكون فيها طبقات الصخور الرسوبية تميزا عن المناطق التي تغطيها الصخور النارية كالبازلت والكرانيت ، ولا تتكون حقول البترول في كافة أجزاء الصخور الرسوبية ، بل تتكون في بعض أجرائها التي يتولد فيها البترول وتسمى بأحواض البترول حيث يتجمع البترول غالبا في جوارهذه الاحواض البترولية- النفطية.
حوض البترول هو عبارة عن منطقة تتراوح مساحتها من بضعة آلآف الى مائة ألف كيلومتر مربع أو أكثر يتركز فيها العديد من حقول البترول وتتوزع على شكل احزمة بترولية ضمن حدود حوض البترول .
لقد تم اكتشاف اكثر من 600 حوض نفطي في العالم والتي تقدرمساحة تلك الاحواض النفطية بحوالى 7700000 كيلو مترمربع وحجمها يصل الى حوالي 16500000 كيلو مترمكعب، ومن ابرز تلك الاحواض البترولية(أحواض البترول في الولايات المتحدة الامريكية ,امريكا الجنوبية، وجبال أورالأ ،بحر قزوين،والخليج العربي، وشمال أفريقيا.
من أبرز تلك الامثلة هو حوض الخليج الذي يمتد من الخليج جنوبا الى منطقة جنوب شرق الاناضول /تركيا ويبلغ طوله أكثر من 2200 كيلومتر وعرضه مابين 200-400 كليومتر ،حيث يضم هذا الحوض أغنى حقول البترول في أيران ، الكويت،السعودية، العراق . ينقسم حوض الخليج الى عدد من الاحزمة النفطية ، التي تتواجد ضمن حدودها الحقول النفطية العملاقة ، منها الحزام النفطي في جنوب العراق والحزام النفطي في كردستان .

حقول البترول

يتكون البترول نتيجة لتحليل بعض الكائنات الحية النباتية والحيوانية التي كانت تعيش منذ ملايين السنين في البحار القديمة( مثل بحر التيسيس) وعندما تموت هذه الكائنات وتسقط في القاع وتدفن وتغطيها الاتربة والرمال( الترسبات البحرية المتنوعة) وتتعرض للضغط والحرارة الكامنة في الارض فأن بقايا هذه الكائنات تتحول الى قطرات من البترول المختلط بالماء وتنشر هذه القطرات بين الصخور( المسامات الصخرية) التي تتكون تحت سطح البحار والتي يتجمع( يتولد) فيها البترول وتسمى ( بالصخور الأم) وهي بطبيعتها صخور رسوبية بحرية المنشأ . تتحرك قطرات البترول التي تتجمع في الصخور الأم احيانآ نتيجة الضغط والحرارة من موطنها الاصلي ( صخور الأم) الى مناطق يقل من الضغط عليها والى ان تصادف طبقة اوطبقات من الصخور المسامية ( حجر الرمل ، حجر الكلس) تسمح لها بالانتقال خلالها من موطنها الى المناطق المجاورة وتظل هذه القطرات في هجرتها عبر الصخور المسامية، فاذا لم يعرض في طريقها عائق( طبقة غير مسامية- غيرنفاذة) فأنها تصل في نهاية المسار بالقرب من سطح الارض او تصل الى سطح الارض,وتظهرعلى شكل رشوحات نفطية أو برك الاسفلت أو ينابيع الغاز، وعندئد يتبدد البترول دون او تتكون حقول النفط أو الغاز، ولكن إذا ما صادفت قطرات البترول المهاجرة من اي نوع من الصخور يحول( يمنع) دون أستمرار هجرتها( حركتها ) سواء أكانت بالآتجاه الافقي أو بالاتجاه العمودي، وتعرف تلك الصخور ( بصخور المغطاة) التي تمنع تسرب البترول من خلالها ، فان قطرات البترول تتجمع وتراكم بجوار أو تحت هذاالعائق أو المصيدة البترولية تعرف مثل تلك الصخور (بالصخور الخازنة للبترول ) وعندئذ تتكون حقول البترول.لذا يمكن القول، بأنه تتكون حقول البترول إذا توافرت عدة شروط منها( وجود بحار تعيش فيها الاحياءالعضوية التي تموت وتدفن في قاع البحر تحت الترسبات البحرية، وجود الطبقات الصخريةالمسامية التي تسمح للبترول بالحركة بين مساماتها، وجود مصائد البترول التي تتجمع عندها البترول و وجود الصخور المغطاة) ، وعندما يتجمع البترول ويستقر في المخازن – المصائد البترولية ،فان البترول ينفصل مع الماء المختلط به أحيانا ويطفوا فوقه، نتيجة اختلاف في الكثافة واذا وجد الغاز مع البترول، ينفصل الغاز أيضا ويطفوا فوق البترول، ولذا غالبا مانرى بأن حقول البترول تتكون من ثلاثة طبقات ، اعلاها الغاز ، يليهاالنفط ، ثم المياه، وهذا الانفصال هو نتيجة لأختلاف الكثافة بين الماء الاكبر كثافة ثم البترول وتليه الغاز وهو الأقل كثافة.
يتجمع البترول غالبا في نوعين من المصائد، النوع الاول يتكون من الكسور والالتواءات التي تحدث في طبقات القشرة الارضية نتيجة للحركات الارضية التي تؤدي الى انحناء الطبقات الارضية وتهشمها بالشقوق أو نتيجة الاندفاعات المحلية ( الطبقات الملحية ) نحو الاعلى مكونة المصيدة التي قد تأخذ شكل القبو( الطية المحدبة) حيث يتجمع ويتراكم البترول في قمة الطية، او تتكون المصائد نتيجة الكسور - الفوالق التي تتعرض لها الطبقات مما يحول دون هجرة النفط الذي يتراكم بجوار الطبقات المكسورة- الفوالق. النوع الاخر من المصائد تتكون نتيجة الظروف الجيولوجية التي تتعرض لها الاحواض النفطية خلال تاريخ تطورها الجيولوجي مؤدية الى احداث تغيرات في خصوصيات بعض انواع الصخور مثل صخور حجر الرمل الذي يتحول بمرور الزمن من صخور مسامية الى صخور - طبقات غير مسامية تعوق هجرة البترول مما تتجمع فيها مكونة حقول البترول، أو لغير ذلك من الاسباب الجيولوجية التي تعيق إمتداد الطبقات المسامية.
لايصلح كلا النوعين ان يتحول الى مصائد بترولية إلآ اذا كانت الطبقةالمسامية التي يتحرك ويتجمع فيها البترول مغطاة بطبقة أوطبقات غير مسامية( عازلة)تحبس البترول داخل المصيدة- الصخور الخازنة، واذا تعرضت المصيدة خلال التطور الجيولوجي للمنطقة الى شقوق أوتكسرات فوالق عميقة تخترق الصخور المغطاة تسمح للبترول من خلال الفوالق بالهروب منها مما يفقد المصيدة أهميتها وعندئذ يظهرالبترول فوق سطح الارض مكونآ رشوحات البترول أو ينابيع الغاز الطبيعي، وكانت هذه الظواهر من الادلة العامة التي جذبت الباحثين عن البترول في هذه المناطق، وهذا ما نشاهده في الكثيرمن المناطق التي تجاور حقول البترول ضمن احزمة الاحواض النفطية في العالم ومنها الحزام النفطي في كردستان .

أساليب الكشف عن البترول:

كان الكشف عن البترول في السابق يجرى دائما في المناطق التي تظهر فيها دلائل وعلامات البترول ( الرشوحات النفطية فوق سطح الارض( مثل الرشوحات النفطية في خانقين ) وفي المناطق التي تنبعث منها الغازات الطبيعية( النار الازلية في كركوك)أو يسيل منها البترول أو آبار المياه التي تنتج مياهآ مالحة مختلطة بالبترول.
تتواجد هذه الخصوصيات في الكثير من مناطق الاحواض النفطية، كان الاسلوب الذي يتبعه الباحثون عن البترول في مناطق تواجد الرشوحات النفطية ، وتمكنوا من أكتشاف البترول في بولندا/1858 ، كندا 1858، الولايات المتحدة 1858، رومانيا 1860، بيروا1863 ، روسيا 1866،. لقد أتسعت عمليات الكشف عن البترول بعد دراسة نتائج حفرالآبار في هذه المناطق وتحليل خصوصيات الطبقات الصخرية التي توجد فيها البترول من حيث تكوينها( نوعية مكونات الطبقات) وتركيبها، ودراسة تكوين الطبقات الصخرية التييوجد فيها البترول وساعدت نتائج تلك الدراسات الجيولوجية لفهم الطبيعة الجيولوجية للمناطق التي يتكون فيها البترول.
أمتدت الدراسات الجيولوجية على ضوء المفهوم الجيولوجي لطبيعة المناطق النفطية الى المناطق التي لا تظهر دلائل الرشوحات النفطية فيها وذلك بأستخدام طرق البحث العلمي التي تعتمد على المفهوم الجيولوجي لتكوين وتجمع البترول، الذي يستوجب توافر شروط معينة،منها( وجود طبقات سميكة من الصخور الرسوبية ليتولد فيها البترول وأن يكون بين هذه الصخور طبقات مسامية كالرمل وحجر الكلس لأختزان البترول وطبقات غير مسامية كالطفلة أو الملح لمنع هروب البترول المختزن.وجود مصائد يتجمع فيها البترول). علىهذا الاساس صارت عملية الكشف عن البترول تتضمن عدة خطوات مهمة وهي :
1-أختيار مناطق الصخور الرسوبية السميكة التي تحتوي على طبقات مسامية واخرىغير مساميةعن طريق دراسة مكونات وتركيب الصخور فوق سطح الارض وتحليل العينات الصخرية المستخرجة من آبار الحفر.
2-البحث عن مصائد البترول وتعيين مواقعها وحدودها ومنها ما يظهرفوق سطح الارض عن طريق استخدام المسح الجيولوجي أو استخدام التصوير الجوي الذي يعطي صورة سريعة وشاملة لمناطق الابحاث مما يمكن الجيولوجي من سرعة تحديد مواقع مصائد البترول، وفي المناطق التي لا تظهر الصخور فوق سطح الارض (كالصحاري واحواض المياه) يجب استخدام المسح الجيوفيزيائي الذي يعتمد على قياس الصفات الطبيعية لطبقات الارض كدرجة مغناطيسيتها أو قوة جاذبيتها أو سرعة مرور الاهتزازات بها، مستجدمةأجهزة خاصة ( الاجهزة المغناطيسية أو الجاذبية أو السيزموغرافية).
3- أختيار المصائد المناسبة لحفر آبار الكشف عن البترول ،يعتمد أختيار المصائد على الدراسة الجيولوجية العامة للمنطقة، أن أنجح مصائد البترول هي أقربها الى أحواض البترول، هذا ما يتطلب على الجيولوجي تحديد صورة واضحة عن أبعاد حوض البترول، ثم أختيار أحسن وأكبر المصائد القريبة من هذا الحوض لحفرآبار ( الآبار الاستكشافية) الكشف عن البترول.
4- يتراوح عمق حفر آلآبار ألأستكشافية من بضعة مئات من الامتار الى بضعة آلآف حسب عمق الطبقات التي يتجمع فيها البترول ،وعندما يثبت وجود البترول يعتبر ان الاكتشاف قد تحقق، تجرى بعدها عملية الاختبارات لتحديد مقدار ما يستطيع البئر ان ينتجه، فأذا كانت كمية إنتاج البئر تصلح للأستغلال أقتصاديا يعلن عندئذ من أكتشاف ( ميلاد) حقل جديد، او ربما قد يثبت وجود البترول بكميات لاتصلح للأستغلال الاقتصادي ربما خلال هذه المرحلة ، وعندئذ لايعتبر ان الاكتشاف قد تحقق وتستأنف عمليات الحفر في مواقع أخرى.

مخاطر وتكلفة الكشف عن البترول.

يعتبر الكشف عن البترول من أكثر العمليات مخاطرة بالأموال لأن نسبة نجاح آلآبار الاستكشافية قليلة ، وتتفاوت هذه المخاطرة من منطقة الى اخرى تبعآ لطبيعتها الجيولوجية، فمنها ما يستجيب لعمليات البحث فيكتشف البترول بسرعة فتعتبر مناطق خصبة بتروليآ ، ومنها ما يحتاج الى وقت طويل واموال ضخمة قبل اكتشاف البترول. أرتفاع تكلفة عمليات الكشف الجيولجي والجيوفيزيائي وعمليات حفر الابار الاستكشافية يزيد من عبْ المخاطرة وخاصة اذا كانت العمليات تجري في مناطق بعيدة تزيد من المصاريف المتوسطة،حيث تبلغ تكلفة حفر بئر ما بين (100 الف الى مليون جنيه). تبذرأموال هائلة في عمليات حفر الآبار الاستكشافية التي نادارا ما تصل نسبة النجاح الى 40%، وعلى سبيل المثال تم حفر 1865 بئرا استكشافيا في أفريقيا ، أكتشف البترول في 518 بئرا فقط أي بنسبة نجاح 21,7% وهذه النسبة هي لمدة 15 سنة( 1950-1965) ، وفي نفس تلك الفترة تم حفر 3263 بئرا أستكشافيا في دول اوربا الغربية ، اكتشف البترول في 523 بئرا فقط، ، اي بنسبة نجاح 13,8%.مقابل هذه التكاليف العالية .
ارباح إنتاج البترول مرتفعة للغاية تبلغ في المتوسط 4 أو 5 أمثال ارباح الصناعات الاخرى، وهذا ما يدفع الشركات النفطية على مواصلة البحث عن البترول واستخراجه مع الاهتمام الدقيق في تدقيق المعلومات العلمية قبل الاقرار في حفر الآبار الاستكشافية من اجل تقليل تكاليف انتاج البترول.
أرتفع عمليات أكتشاف البترول نتيجة جملة من الاسباب ، أهمها( تطور وسائل الكشف واعتمادها علىالاجهزة الألكترونية الحساسة التي تحتاج الى خبرة خاصة دقة في التشغيل والصيانة،اجراء عمليات الكشف في المناطق البعيدة( الصحاري أو الغابات وفي المناطق البحرية، انتشار عمليات الكشف في المناطق البحرية التي تزيد تكلفة الحفر فيها مقارنة بالحفر في المناطق الارضية- اليابسة).
يقدر معدل العام تكلفة فرقة المساحة الجيولوجية الخفيفة مابين 5000- 12000 دولار شهريا،وتكلف اعداد الصور الجوية بحوالي 1,5 دولارللكيلومتر المربع بمقياس رسم حوالي 1:50000، وهذه هي أقل عمليات الكشف الجيولوجية تكلفة.اما تكليف المساحة الجيوفيزيائية ، فانها تعتمد على نوعية الطريقة التي تستعمل ، حيث تكلف عمليات المساحة المغناطيسية مابين 5000-10000 دولا شهريا ، أما تكاليف المساحة الجاذبية يترواح ما بين 20000-60000 دولار شهريا، تم تليها المساحة السيزموغرافية التي تبلغ متوسط تكاليفها على الأرض بحوالي 100 ألف دولار شهريآ للفرقة الواحدة، وتصل الى حوالي250 ألف دولار شهريا في المناطق البحرية . تتفاوت تكاليف حفر الآبار من منطقة الى اخرى حسب بعدها عن مراكز العمليات وسهولة النقل و صعوبته نظرآ لضخامة الاجهزة والمهمات المستخدمة، يتراوح تكلفة تشغيل جهاز الحفر العميق في المناطق الأرضية مابين 100-200 ألف دولار شهريا وذلك بالنسبة لجهاز حفر كبير يصل الى أعماق 15 ألف قدم، بينما تتراوح هذه التكلفة من 300-500ألف دولار شهريا بالنسبة لجهاز الحفر البحري.يعود سبب هذه التكاليف الباهضة الى ان عمليا ت الحفر البحري تحتاج الىأرصفة خاصة ترتكز عليها أجهزة الحفر سواء كانت الارصفة ثابتة أو متحركة أو وحدات عائمة وما تحتاجه من صيانة هذه الارصفة وتكلفة نقلها من مكان الى آخر وما يتعرض لها من أخطار عندما تشتدالامواج قد تحطمها وتحطم جهاز الحفر،ولذا تصل تكلفة الحفر البحري بحوالي اربعة او خمسة أمثال تكلفة حفر الآبار في المناطق الارضية.

أستخراج البترول:

تنفرد صناعة أستخراج البترول بعدة خصائص تجعلها مختلفة عن سائر الصناعات الاخرى،ابرز هذه الخصوصيات تكمن في.
1- يوجد البترول في مكامن جوفية على عمق آلآف الاقدام من سطح الارض او من قاع االبحر ، ويتعامل الانسان مع هذه التجمعات النفطية دون أن يراها أو يلمسها أو يعرف حقيقة حجمها، وانما يتعامل معها باستخدام نظريات علمية متطورة وخبرة عملية طويلة.
2- طرق البحث عن البترول معقدة ،وتتطلب مبالغ هائلة ومهما بلغت هذه الطرق من التطور العلمي لاتستطيع أعطاء البيان اليقين عن وجود تجمعات بترولية في مكان ما،لذا لابد من حفر الآبار للتأكيد على ذلك،ومما يزيد من تعقيد العملية حدوث تحركات في الطبقات الارضية ينجم عنها عدة تكسيرات- شقوق وفوالق متنوعة الاحجام والاتجاهات التي تكونت في ازمان جيولوجية مختلفة ،أضافة الى تفاعلات تزيد من حدوث اختلافات كبيرة في خصائص التكاوين والتراكيب الجيولوجية وخصوصيات المكامن النفطية.
3- لاتوجد التجمعات النفطية في خزانات أو بحار أو أنهار جوفية كما قد يتصور البعض، بل توجد التجمعات النفطية في مسام الصخور الرسوبية سواءأكانت أولية أو ثانوية نتيجة لحركات طبقات او بسبب التفاعلات الكيميائية أو في تشققات الصخور النارية تحت ظروف معينة، وعادة توجد هذه التجمعات النفطية مع مواد اخرى( المياه الجوفية، الغازات ، الشوائب)، ولذا لاتمثل المواد البترولية مائة في المائة من حجم المسامية المتاحة في المصائد- المكامن البترولية سواءأكانت تركيبية أو رسوبية. أضافة الى ذلك ، ان نفس درجة التشبع البترولي في مسام الصخور تنقسم الى كمية قابلة للأنتاج واخرى ملتصقة بسطح الحبيبات المكونة للصخورالتصاقا قد يكون كيميائيا ، لذا لا يمكن استخراجه دون اجراءعمليات مكلفة تسبب تغير خصائص ذلك الالتصاق.
4-القيام بالكشف البترولي ليس كافيا لأنه لا يعطي الرؤية الواضحة بالدرجة التي تعطي الأطمئنان على تقييم الكشف من حيث كمية البترول القابل للآستخراج أو حجم المصائد- المكامن النفطية أو سلوكه المتوقع. قد تصور البعض أنه من الممكن الحصول على كل المعلومات المطلوبة أثناء الحفر من خلال تحليل عينات الصخور لدراسة خصائص الطبقة الحاملة للبترول ولتوضيح الرؤية عن سلوك الخزان المتوقع ومقدار ما يحمله من الاحتياط البترولي القابلة للأستخراج. من الضروري الاشارة الى انه مهما بلغ حجم نتائج تحليل المكونات الصخرية أثناء الحفر، فأنها لن تزيد على واحد من اربعين أو خمسين مليونا بالمقارنة بالحجم الكلي لصخور الطبقة المطلوب دراستها، يمكن تشبيه تلك المعلومات ببساطة ( بأن يقابل المرء شخصا واحد من دولة ما سكانها أكثر من اربعين مليون نسمة، ويعتقد انه يمثل كل شعب ذلك البلد من حيث الشكل والطباع والثقافة والتعليم وهذا طبعا أمر مستحيل).